علاقة الأرض بالإنسانية


الأرض منشأ الإنسانية وموطنها، نعمة وأمانة من الله لها، وتكمن مهمة الإنسانية تجاه الأرض في عمارها لا خرابها وإلحاق الضرر بها، ليتنا نعي تماما أننا عندما نلحق الضرر بالأرض نتضرر نحن أيضا عليها، فعلاقة الأرض بالإنسانية علاقة قوية، علاقة منشأ وموطن، تصديقا لقول الله تعالى: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُم وَفِيهَا نُعِيدُكُم وَمِنْهَا نُخْرِجُكُم تَارَةً أُخْرَى﴾ [طه: 55]، وقال تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُم مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُم فِيهَا﴾ [هود: 61]. 

الأرض بكل ما خلق الله عليها، نعمة وأمانة من الله لنا، وجب حمد الله وشكره عليها دائما، وعلى نعمته التي لا تعد ولا تحصى، ووجب المحافظة عليها بعمارها وليس بخرابها وإلحاق الضرر بها، فالحمد لله على نعمة الأرض منشأنا وموطننا، والحمد لله دائما وأبدا على نعمته التي لا تعد ولا تحصى، قال تعالى: ﴿ وَسَخَّرَ لَكُم مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون﴾[الجاثية: 13]، وقال تعالى: ﴿لَئِن شَكَرْتُم لَأَزِيدَنَّكُم﴾ [إبراهيم: 7]، وقال تعالى: ﴿وَإِن تعدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيم﴾ [النحل: 18]. 

من الأكثر عدوانية على الأرض والبيئة والطبيعة اليوم الإنسان أم الحيوان؟! من منهما أصبح يهددها ويشكل خطرا عليها؟! من منهما يلوثها بنفاياته النووية وهَلُمَّ جَرا من تجاربه غير النافعة؟!.

قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾ [سورة الإسراء: الآية 70]، لقد كرم الله بني آدم وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلا وسخر لهم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه، وأنشأهم من الأرض واستعمرهم فيها لإعمارها وليس لإفسادها وإلحاق الضرر بها!، استيقظ يا إنسان وحافظ على الأرض والبيئة والطبيعة التي أنعم الله بها عليك وسخرها لك دون سائر مخلوقاته، إن تهديدك للأرض والبيئة والطبيعة بتجاربك غير النافعة تهديد لنفسك لو تدبرت، استخدم عقلك في تحصيل النفع ودفع الضرر لا أن تستخدمه في تحصيل الضرر ودفع النفع بمثل هذه التجارب البائسة!، استيقظ قبل أن توقظك تجاربك!.

إن دفن النفايات النووية مثال على تجارب الإنسان غير النافعة، التجارب التي تضر بالأرض والبيئة والطبيعة ومن عليها من مخلوقات، التجارب التي تضر بالإنسان نفسه دونما أدنى شعور منه بذلك!، عجبًا للإنسان يضر نفسه بنفسه!، استيقظ يا إنسان فأنت تعيش على الأرض، فلتحافظ على البيئة والطبيعة وكافة المخلوقات عليها، فالإنسانية مؤتمنة عليها لإعمارها وليس لإفسادها وإلحاق الضرر بها!، إلى أين تريد الوصول بمثل هذه التجارب غير النافعة ؟!، ليس لي أن أجيبك إلا بقول الله تعالى في كتابه العزيز قال تعالى: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً﴾ [سورة الإسراء: 37].

الأرض التي نعيش عليها هي منشأنا قبل أن تكون موطننا، علنا نتذكر ذلك دائما بأن لا نضر بمائها وهوائها وغذائها وبيئتها الطبيعية بتجاربنا الإنسانية غير النافعة، فالأرض عندما نزرعها ونسقيها تثمر، وعندما ندفنها بنفايات نووية تتضرر، وكلما أضرت الإنسانية بالأرض تضررت الإنسانية أيضا عليها، وكلما صحت عقول الإنسانية تجاه معاملتهم لبعضهم البعض وتجاه معاملة الأرض كانت الأرض بصحة جيدة، هذا مثال بسيط يحقق معادلة علاقة عمار الأرض وخرابها بعمار الإنسانية وخرابها، فلنعمل على عمار الأرض في ضوء عمار الإنسانية مَعًا في آنٍ باعتدال وتوازن واتزان دون إفراط أو تفريط بإتقان قدر الاستطاعة والإمكان والله ولي التوفيق.


▪︎ علي الحبيب بوخريص.

▪︎ من كتابه نظرية الاتزانية.