موجز الكتاب


¤ مبدئيَّة الاتِّزانية:


«1. المراجعة والاستدراك. 2. التصالح والتسامح. 3. التقابل والتعارف. 4. الاجتماع والتحاور. 5. التشاور والتوافق على ما فيه الخير للصالح العام بين كافة المكونات. 6. الاعتدال والتوازن والاتزان. 7. التعاون والتضامن. 8. الوحدة وتوحيد الجهود. 9. نحو تحقيق ما فيه الخير للصالح العام والله ولي التوفيق».


¤ نظرية الاتزانية:


«نظرية الاتزانية الفكرية في ضوء عملية الموازنة المستمرة قبل إصدار القرار لترجيح المنافع ودفع المضار وتحصيل أقصى نفع وأدنى ضرر في كافة قراراتنا العامة والخاصة على حد سواء، تحقيقًا لما فيه الخير للصالح العام في شتى مناحي حياتنا ومجالات أعمالنا على كافة الأصعدة وفق ميزانٍ سليم، مَعًا في آنٍ باعتدال وتوازن واتزان دون إفراط أو تفريط في تكامُل المنافع ودون إفراط أو تفريط في تعاطُل المضار بإتقانٍ قدر الاستطاعة والإمكان والله ولي التوفيق، قال تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَان﴾ [آية٩:سورة الرحمن] وقال صلى الله عليه وسلم: (اتَّزِن وَأَرْجِح) [أبوهريرة:المعجم الأوسط:٦/٣٦٩]».


 ¤ حقيقة الصراع بين الدين والعلم:


«الدين والعلم ضروريان وأساسيان على مستوى الإنسان والمجتمع مَعًا في آنٍ دون إفراطٍ أو تفريطٍ في كليهما، فليكف العالم عن أدلجة صراع بين الدين والعلم فلا يوجد صراع بين الدين والعلم من الأساس إنما الصراع في عقول المتطرفين في الجانبين، بعض المتطرفين في فهم الدين وبعض المتطرفين في فهم العلم على حد سواء والدين والعلم من التطرف براء، فليعي العالم أن التطرف إفراطٌ وتفريطٌ منبوذٌ بصفة عامة لكل ذي عقلٍ ودينٍ وهذا الوعي المتزن سبقتكم إليه دول العرب المسلمين، العلوم الدينية الشرعية والعلوم الإنسانية النافعة ضروريان وأساسيان على مستوى الإنسان والمجتمع مَعًا في آن دون إفراط أو تفريط في كليهما، فَلْنُرسِّخ أهميتهما في مجتمعاتنا لما فيه الخير للصالح العام في دنياه وآخرته ولننبذ التطرف والإفراط والتفريط في كل شيء، العلم في ضوء الدين والعمل في ضوء الإيمان مَعًا في آنٍ باعتدال وتوازن واتزان دون إفراط أو تفريط في فهم الدين ودون إفراطٍ أو تفريطٍ في فهم العلم بإتقان قدر الاستطاعة والإمكان والله ولي التوفيق».


¤ سمو الإنسانية:


«لن تنتهي معارك الإنسانية جمعاء ما لم تنتصر الإنسانية على نفسها وتسمُو بروحها، هذه حقيقة مهما ابتعدت عنها الإنسانيةُ فهي تُلاحقها أيَّمَا مُلاحقة، تُلاحقها لتفرض سمو روح الإنسانية على نفسها المادية لا محالة، الإنسانية الآن في حاجة إلى التوازن بينهما، التوازن بين المادة والمعنى، فكما تحتاج النفس إلى المال والأكل والشرب والمباني والمراكب الفارهة، تحتاج الروح أيضًا إلى النظام والقيم والمبادئ النبيلة أن تَسُودها، إنَّ العشوائية آيِلة إلى الانتظامِ لا محالة، والفوضَى آيِلة إلى الاستقرار، سواءً كُنا في صف العشوائية والفوضى أم في صف الانتظام والاستقرار، انظر جيدا في عمق العشوائية ستعلم جيدا أن في لُبها انتظامٌ آيلٌ إلى الظهور، انظر جيدا في عمق الفوضى ستعلم جيدا أن في لُبها استقرارٌ آيلٌ إلى الظهور، لا يوجد حدثٌ مِن عبث، دائمًا هنالك حكمة، ليست حكمة الإنسان بل حكمةُ خالق كل شيءٍ ومليكه سبحانه وتعالى عما يصفون علوا كبيرا، فَلَم يخلق الله الكون عبثًا وكل شيء خلقهُ بِقدر وكل شيءٍ عنده بمقدار، إذا زاد الشيء عن مقداره الطبيعي أو نَقُصَ اختل اتِّزَانُهُ واضطرب، قال تعالى : ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَر﴾ [ آية49:سورة القمر]، ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَار﴾ [آية 8:سورة الرعد]، النفس في ضوء الروح والمادة في ضوء المعنى معًا فِي آنٍ باعتدال وتوازن واتزان دون إفراطِ أو تفريطٍ بإتقانٍ قدر الاستطاعة والإمكان والله ولي التوفيق».


¤ الاتزانية السياسية:


«السياسة المتزنة في ضوء الوعي بما للسلطات وما على السلطات وما للشعب وما على الشعب وما للمؤسسات وما على المؤسسات، والوعي بمتطلبات وتحديات الحاضر والمستقبل للدولة وشعبها ومؤسساتها على حد سواء، والوعي بتوظيف الممكن فيهما وفق أولويات التكامل للمتطلبات والاحتياجات تَكامُلًا للمنافع تجاه الصالح العام تدريجيا وأولويات التعاطل للتحديات والعراقيل تعاطُلًا للمضار عن الصالح العام تدريجيا، والعمل السياسي المتزن في ضوء المراجعة والاستدراك والتصالح والتسامح والتقابل والتعارف والاجتماع والتحاور والتشاور والتوافق على ما فيه الخير للصالح العام والتعاون والتضامن والوحدة وتوحيد الجهود نحو تكامل المنافع للصالح العام وتعاطل المضار عنه على الدوام وفقًا للمهام المناطة بالجميع في شتى مجالات الأعمال على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تحقيقا لما فيه الخير للصالح العام وفق ميزانٍ سليمٍ مَعًا في آنٍ باعتدال وتوازن واتزان دون إفراطٍ أو تفريط في تكامُل المنافع ودون إفراطٍ أو تفريط في تعاطُل المضار بإتقانٍ قدر الاستطاعة والإمكان والله ولي التوفيق».


¤ الاختلاف والتعددية:


«الحقيقة واحدة ووجهات النظر إليها متعددة، إن الاختلاف المبني على ثوابت مشتركة بين المختلفين تعددية متنوعة طبيعية تبني الأوطان وتخفف أعباءها، والاختلاف غير المبني على ثوابت مشتركة بين المختلفين تعددية متشتتة غير طبيعية هدامة للأوطان ومثقلة لكاهلها، فلا يوجد بناء قوي يرتفع بدون أساسات ثابتة، فلتحذروا الاختلاف غير الطبيعي غير المبني على ثوابت مشتركة بين المختلفين فهو اختراق فكري لعقلكم الجمعي، وأجمعوا على ثوابتكم وأساساتكم وعلى عدم الاختلاف فيها ثم اختلفوا في أفكاركم ووجهات نظركم وآرائكم بما لا يتعارض معها فذلك هو المعنى الحقيقي للاختلاف والتعدد الطبيعي الذي لن يفسد للود قضية بينكم، الاختلاف والتعددية الطبيعية في الأفكار ووجهات النظر والآراء في ضوء ثوابت وقيم ومبادئ مشتركة بين المختلفين مَعًا في آنٍ باعتدال وتوازن واتزان دون إفراط أو تفريط بإتقان قدر الاستطاعة والإمكان والله ولي التوفيق».


¤ مصلحة الكل تكمن في مصلحة الكل:


«مصلحة الكل تكمن في مصلحة الكل ولا تكمن في مصلحة الجزء من الأساس، مصلحة الكُل تكمُنُ في مصلحة الكُل بدون أيَّة فوارق بينية في المصلحة العامة للجميع، تنصهر مصلحة الجزء في مصلحة الكُل كما تنصهر مصلحة الفرد في مصلحة المجموع، بذلك نصبح على الوحدة وتوحيد الجهود لتحقيق ما فيه الخير للصالح العام، للشعب ودولته ومؤسساته على حد سواء، هنا تتحقق المصلحة العامة للشعب ودولته ومؤسساته على الصعيدين العام والخاص باتزانية غير قابلة للتجزئة، الاتزانية بالتغليب بالتسديد والتقريب، نحو اقتصاد متزن يتم فيه تغليب المصلحة العامة الجمعية الكلية على المصالح الخاصة الشخصية الجزئية مع حفظ الملكيات العامة الكلية والملكيات الخاصة الجزئية على حد سواء، مصلحة الجزء في ضوء مصلحة الكل مَعًا في آنٍ باعتدال وتوازن واتزان دون إفراط أو تفريط بإتقان قدر الاستطاعة والإمكان والله ولي التوفيق».


¤ الاتزانية الاقتصادية:


«الاتزانية الاقتصادية في ضوء الملكية العامة لثروات الأرض الطبيعية النفط والغاز وغيرها مع حفظ الملكيات الخاصة لبعض وسائل الإنتاج الأخرى، وتوجيه عوائد الثروات الطبيعية نحو الدعم - المباشر أو غير المباشر - لتيسير تحقيق حاجات الشعب ودولته ومؤسساته، حاجاتهم اللازمة للعيش الكريم وحاجاتهم اللازمة للتقدم والرقي والازدهار ومواجهة التحديات التي تواجههم على الدوام تكامُلًا للمنافع وتعاطُلًا للمضار تجاه الصالح العام على كافة الأصعدة مَعًا في آنٍ باعتدال وتوازن واتزان دون إفراط أو تفريطٍ بإتقان قدر الاستطاعة والإمكان والله ولي التوفيق».


¤ الحاجات الإنسانية المتوازنة:


«الحاجات الإنسانية المتوازنة حاجات روحية وعقلية عليا لازمة للرُّقِي الإنساني وحاجات نفسية ومادية دنيا لازمة للعيش الإنساني ولابد للمرء منهما مَعًا في آنٍ باعتدال وتوازن واتزان دون إفراط أو تفريط في كليهما وليس بالتتالي كما يزعم ماسلو الذي لم يذكر في هرمه الحاجات الإنسانية الروحية والعقلية بتاتا، الحاجات الإنسانية المتوازنة في ضوء الحاجات الروحية والعقلية العليا اللازمة للرقي الإنساني والحاجات النفسية والمادية الدنيا اللازمة للعيش الإنساني وسير تحقيق الحاجات النفسية والمادية الدنيا في ضوء سير تحقيق الحاجات الروحية والعقلية العليا معًا في آنٍ باعتدال وتوازن واتزان دون إفراط أو تفريط في سير تحقيق الحاجات الروحية والعقلية العليا ودون إفراطٍ أو تفريطٍ في سير تحقيق الحاجات النفسية والمادية الدنيا بإتقانٍ قدر الاستطاعة والإمكان والله ولي التوفيق».


¤ الاتزانية الثقافية:


«النخبة المتزنة في ضوء الفئة المتطلعة من الشعب ولا تنبع إلا من عُمق المجتمع وعقله الجمعي وتتسم بقدرات الوعي والتأثير الحسن في الدولة والمجتمع ككل، هذا وتتعدد النخب بحكم تنوع مجالاتها وأنشطتها بينما تمثل جميعها وبشكل عام كيان النخبة المتزنة بكافة مجالاتها وأنشطتها المتنوعة المتكاملة، تعمل النخبة المتزنة على زيادة الوعي العام بقضايا الحاضر والمستقبل للشعب ودولته ومؤسساته على حد سواء وَعْيًا بسُبُل تحقيق المتطلبات اللازمة ومواجهة التحديات المقابلة، ونشر الثقافة العامة والتنمية المعرفية في شتى المجالات تحصينا للعقل الجمعي من الاختراق الفكري والقناعات والأفكار الهدامة المتطرفة وتنامِيًا للوعي بالمجال الحسي وفوق الحسي للدولة والمجتمع كَكُل، والاستقراء الدائم لرأي الشعب العام وتطلعاته سعيًا في إيصالها بسبُل الموضوعية والتأثير الحسن في الدولة تكامُلًا لتحقيق ما فيه الخير للصالح العام، للشعب ودولته ومؤسساته على حد سواء، النخبة المتزنة تُعْمِلُ التأمل والتفكر والتدبر في ضوء الاستفادة من الماضي وصناعة الحاضر واستشراف المستقبل وتنتج قناعاتها وأفكارها ووجهات نظرها ذاتيا وفقا لمنظورها ومعرفتها المسبقة وتحرص على أن تكون جالبةً للمنافع دافعة للمضار بالموازنة المستمرة قبل إصدارها بشكل عام تكامُلًا للمنافع وتعاطُلًا للمضار تجاه الصالح العام، النخبة المتزنة تُعْمِلُ العقل في ضوء النقل مَعًا في آنٍ باعتدال وتوازن واتزان دون إفراط أو تفريط بإتقان قدر الاستطاعة والإمكان والله ولي التوفيق».


¤ وعي العقل الجمعي:


«لم يعد الاحتلال إنزالا للجنود في أرض الدولة المراد احتلالها، لم يعد الاحتلال يستهدف المجال الحسي، بل أصبح إنزالا للقناعات والأفكار السيئة التي تخدم الاحتلال في العقل الجمعي للدولة المراد احتلالها، أصبح يستهدف المجال فوق الحسي، وإذا ما قابَلَ هذا الإنزال في المجال فوق الحسي إرادة الخير وقوة القيم والمبادئ والقناعات والأفكار الحسنة في العقل الجمعي للدولة والمجتمع ككل بقوة حضورها بين الساسة والنخبة والشعب طُرِدَت تلك القناعات والأفكار السيئة في تَوِّهَا ولحظتها ولن تجد عقولا تربض بها لِتُحرك جوارحهم وفقًا إليها، تنتصر إرادة الخير وتُهزم إرادة الشر، فليكن وعي العقل الجمعي انتصارًا لإرادة الخير وهزيمةً لإرادة الشر في المجال الحسي وفوق الحسي سواء، فالأخطر من احتلال أرض الدولة في المجال الحسي هو احتلال عقلها الجمعي في المجال فوق الحسي، هذا ما يتطلبه الأمر، وعي العقل الجمعي في ضوء الوعي بالمجال الحسي وفوق الحسي على حد سواء وديمومة ذكر الله وتسبيحه والصلاة والسلام على رسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وبارك في كل وقت وحين وتعزيز إرادة الخير وترسيخ القيم والمبادئ النبيلة ونشر القناعات والأفكار الحسنة المثمرة الدافعة إلى العمل بما فيه تحقيق الخير للصالح العام على كافة الأصعدة مَعًا في آنٍ باعتدال وتوازن واتزان دون إفراط أو تفريط بإتقان قدر الاستطاعة والإمكان والله ولي التوفيق».


¤ الحروب فوق الحسية:


«إن معظم الابتكارات التي نفعت الإنسانية بدأت بقناعاتٍ وأفكار، ولكنها قناعات وأفكار جدا حسنة، كما أن معظم الانتكاسات التي أضرت الإنسانية بدأت بقناعاتٍ وأفكار، ولكنها قناعات وأفكار جدا سيئة، ألا ينجلي للمرء هنا أن أساس نتائج الحروب الحسية في عالم الأشخاص والأحداث هي نتائج حروب فوق حسية في عالم القناعات والأفكار؟. إن القناعات والأفكار الخَيِّرَة أسلِحة نَيِّرَة، فكونوا ذوي قناعاتٍ وأفكارٍ حسنةٍ نافعةٍ مثمرة، ونَمُّوا الخير وبثوه في أنفسكم والغير وفي مجالكم الذي تعيشون فيه، تنهزم قناعات الشر وأفكاره المظلمة، ولن تجد مكانا في عقولكم تلج إليه، ولا إلى مجالكم الذي تعيشون فيه بأوطانكم، يخسأ الشر وينتصر الخير، الحروب فوق الحسية هي الحروب التي نستشعرها في عالم القناعات والأفكار، حروب المستوى فوق المادي، تلك حروب الإدراك فوق الحسي، حروب فوق حسية غير مرئية وأسلحتها غير مادية وغير ملموسة، ابتِداءً من بث القناعات والأفكار وانتِهاءً بابتكار الأنظمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للشعوب، حرب القناعات والأفكار هي حرب فوق حسية، أي هي تلك الحروب التي تستخدم فيها الدول والأشخاص أسلحتهم غير المادية من أدناها قوة إلى أقصاها وفقًا لأهداف كُلٍّ منهم، سواء الحسنة منها أم السيئة، ففي عالم المعنى أيضا حروب بين الخير والشر كالحروب بين الخير والشر في عالم المادة تماما، ونتائج الأولى هي أساس نتائج الثانية، الحروب الحسية وفوق الحسية في ضوء الوعي والإدراك الحسي وفوق الحسي معًا في آنٍ باعتدال وتوازن واتزان دون إفراط أو تفريط بإتقان قدر الاستطاعة والإمكان والله ولي التوفيق».


¤ الاتزانية المجتمعية:


«من غلب خيره على شره كثر نفعه ومن غلب شره على خيره كثر ضرره وما بين تحصيل النفع ودفع الضرر موازنة، ولا كمالية للإنسانية في هذه الحياة الدنيوية إنما سعي متواصل ومستمر نحو الأفضل دائما ومن أفضل لأفضل وهكذا دواليك، تلك هي الاتزانية المجتمعية، والمجتمع المتزن هو المجتمع الذي يغلب صوابه على أخطائه مع وجود الأخطاء فجل من لا يخطئ وتغلب مزاياه على عيوبه مع وجود العيوب فالكمال لله ويغلب خيره على شره فيكثر نفعه المتكامل تدريجيا ويقل ضرره المتعاطل تدريجيا بإذن الله وفضله ومشيئته، ومجتمعاتنا العربية المسلمة مثالٌ للمجتمع المتزن اليوم، لاسيما مجتمعنا الليبي العربي المسلم، هذا ليس انحيازا للمجتمعات العربية المسلمة التي أنتمي إليها إنما هي وجهة نظري حيالها وحيال مجتمعنا الليبي الفاضل الذي ولدت وتربيت وقرأت وتعلمت وعملت وترعرعت فيه، بالصواب والأخطاء بالمحاسن والمساوئ بالمزايا والعيوب نحن مجتمع محافظ متزن يغلب صوابه على أخطائه مع وجود الأخطاء وتغلب مزاياه على عيوبه مع وجود العيوب ويغلب خيره على شره فيكثر نفعه المتكامل تدريجيا ويقل ضرره المتعاطل تدريجيا بإذن الله وفضله ومشيئته، إنما المجتمع السمة الغالبة عليه فليس المجتمع الجانب الفارغ من الكوب إنما الجانب الممتلئ منه، والجانب الممتلئ خير وغلبة الخير في المجتمع آيلة إلى انتشار الخير وانحسار الشر على كافة الأصعدة بإذن الله وفضله ومشيئته، أرى أن الخير غالِبٌ في مجتمعنا اليوم وهذا أساسه حسن الظن بالله وحسن الظن بالله لا يخيب بتاتا، حسن الظن ثابت والمعطيات متغيرات، المجتمع المتزن في ضوء استمرار تغليب الخير على الشر بذواتنا فيسود الخير والنفع العام تدريجيا بأوطاننا معًا في آنٍ باعتدال وتوازن واتزان دون إفراط أو تفريط بإتقان قدر الاستطاعة والإمكان والله ولي التوفيق»


¤ الدولة المتزنة:


«الدولة المتزنة - ببساطة - هي وصول الدولة وتحقيقها لحال الاتزان والذي بطبيعة الحال لا يكون إلا بعد وصولها وتحقيقها لحال الأمن والاستقرار، الدولة المتزنة بسيطة وخالية من التعقيد والتكلُّف، أراها وأتصورها متسمة بالبساطة والبداهة والاعتدال، توازنٌ بين تحقيق الحقوق والواجبات فيها، لا إفراطَ ولا تفريطَ في كليهما، بل اتزانٌ في كل أمورها، وجميع من في الدولة المتزنة سواسِيةٌ أمام القانون، دولةٌ مُقْسِطة مُنْصِفَة غير مُفْرِطَة ولا مُفَرِّطة، مُبَسِّطة مُيَسِّرَة غير مُتَكَلِّفَة ولا مُتَصَعِّبَة، الدولة المتزنة في ضوء الاتزانية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدولية، تُصَدِّر نِيَّة الخير وتُرَسِّخ القيم والمبادئ النبيلة وتنشر القناعات والأفكار الحسنة المثمرة الدافعة إلى العمل بما فيه تحقيق الخير للصالح العام على كافة الأصعدة، مُراجِعة مُستدركة مُتصالحة مُتسامحة مُتقابلة مُتعرِّفة مُجتمعة مُتحاورة مُتشاورة مُتوافقة على ما فيه الخير للصالح العام بكافة مُكَوَّناتها، معتدلة متوسطة بين كافة أصعدتها، متوازنة مُوَزِّعة للجهد بالتساوي على كافة أصعدتها، متزنة بإعطاء كل شيء قيمته دون زيادة أو نقصان وتُعْمِلُ الموازنة المستمرة لترجيح المنافع ودفع المضار قبل إصدار جميع القرارات في كافة أصعدتها، متعاونة متضامنة متحدة بكافة مُكَوَّناتها الخيرة جُهُودًا نحو تكامُل المنافع للصالح العام وتعاطُل المضار عنه على الدوام وفقًا للمهام المناطة بالجميع في شتى مجالات الأعمال على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تحقيقًا لما فيه الخير للصالح العام خالصًا لوجه الله الكريم وابتغاءً لمرضاته وفق ميزانٍ سليمٍ مَعًا في آنٍ باعتدال وتوازنٍ واتزان دون إفراطٍ أو تفريطٍ في تكامُل المنافع للصالح العام ودون إفراطٍ أو تفريطٍ في تعاطُل المضار عنه على الدوام بإتقانٍ قدر الاستطاعة والإمكان والله ولي التوفيق».


¤ اتحاد دول شمال أفريقيا:


«دول المغرب العربي وشمال أفريقيا، دول مسلمة لغتها واحدة وثقافتها واحدة ورقعتها الإقليمية الجغرافية واحدة، وتحفظ حقوق الأقليات فيها بطبيعة الحال الذي يشاهده الجميع في هذه الدول العريقة المذكورة آنفا، إن العديد من الروابط المشتركة بين دول المغرب العربي وشمال أفريقيا تشير إلى ضرورة اجتماعهم لتأسيس وإنشاء اتحادهم، اتحاد دول المغرب العربي وشمال أفريقيا قُطبٌ صَاعِدٌ من أقطاب المجتمع الدولي في ضوء تعزيز التعاون والتضامن والوحدة وتوحيد الجهود نحو التكامل والنماء الإقليمي السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والعسكري مع حفظ استقلالية كل دولة عضو بالاتحاد وسيادتها على أراضيها وثرواتها وخيراتها لتكون عوائدها مُتَرجمةً للوطن والمواطن بها والوقوف جنبًا إلى جنب ضد أي اعتداء أو استعمار حسي أو فوق حسي وتذليل أية مخاطر قد تهدد إحدى دولهم الأعضاء باعتبار أمنهم الإقليمي المشترك وتعزيز مبدأ الاستقرار الجمعي ضرورة يحفظها الاتحاد لكافة أعضائه، وتعزيز مبدأ التوازن والتعاون والتضامن مع كافة الاتحادات الدولية الأخرى على النحو الذي يتضمن تكامُل المنافع للصالح العام وتعاطُل المضار عنه على الدوام مَعًا في آنٍ باعتدال وتوازن واتزان دون إفراطٍ أو تفريطٍ بإتقان قدر الاستطاعة والإمكان والله ولي التوفيق».


¤ توازن القوى الدولية:


«إن معطيات الأحداث الجارية في عالمنا اليوم وتداعياتها بين كافة الأطراف الدولية تتجه بوضوح إلى مبدأ الاتحادات الدولية التعاونية التضامنية وتوازن القوى الدولية الاقتصادية والسياسية والعسكرية فيما بينها على الصعيد الأممي والقاري والإقليمي والدولي وانتهاء مبدأ الهيمنة والوصاية والاستعمار الحسي وفوق الحسي على حد سواء في العلاقات الدولية، وهذا مطلب مشروع لكافة الدول الرافضة لمبدأ الهيمنة والوصاية والاستعمار الحسي وفوق الحسي سواء في العالم أجمع، فمبدأ توازن القوى الدولية والاتحادية يفضي إلى حفظ استقلال الدول وسيادة شعوبها على أراضيها وثرواتها وخيراتها ويعزز الأمن والاستقرار والسلم الدولي رغم اختلاف درجة قواها الاقتصادية والعسكرية دوليًّا وتوازُنها اتِّحاديًّا، ومبدأ الهيمنة الدولية والوصاية والاستعمار الحسي وفوق الحسي لا يفضي إلا إلى مزيد من الاضطرابات والنزاعات والصراعات بين كافة الأطراف الدولية في الساحة العالمية على اختلاف درجة قواها السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية، فليزداد الوعي الدولي بضرورة تعزيز مبدأ توازن القوى الدولية والاتحادية وإنشاء ميثاق عدم الهيمنة والوصاية والاستعمار الحسي وفوق الحسي في العلاقات الدولية فهذا هو الحل النموذجي للصراع العالمي الحالي بالخصوص، فلينتهي مبدأ الهيمنة الدولية والوصاية والاستعمار الحسي وفوق الحسي في ضوء تعزيز مبدأ توازن القوى الدولية والاتحادية التعاونية التضامنية المتوازنة لحفظ استقلال الدول وسيادة شعوبها على أراضيها وثرواتها وخيراتها وحفظ الأمن والاستقرار والسلم الدولي مَعًا في آنٍ باعتدال وتوازن واتزان دون إفراط أو تفريط بإتقان قدر الاستطاعة والإمكان والله ولي التوفيق».


¤ التغيير إلى الأفضل يبدأ بالجوهر قبل المظهر:


«ترى بعض وجهات النظر أن التغيير إلى الأفضل بطريقة تغيير المظهر الخارجي فقط هي الطريقة الأسهل والأقصر مدة للتغيير، لِمَا في تغيير ما بالجوهر الداخلي من قناعات وأفكار سيئة إلى قناعات وأفكار حسنة من بحث ومشقة ومدة أطول من المدة التي يستغرقها تغيير المظهر الخارجي فقط، ولكنه حقيقة تستحق العناء، فتغيير المظاهر الخارجية سهل وقصير المدة ولكنه تغيير طفيف وجزئي مع مساوئ أكثر فهو لا يعبر بالضرورة عن قناعة الجوهر الداخلي الذي لم يتم إدخاله في عملية التغيير، وهنا يكمن سبب الخلل والتشتت وعدم الاتزان عند مثل تلك الوجهات من النظر سواء على صعيد الأشخاص أو على صعيد إدارات الدول، إن كيفية التغيير إلى الأفضل تكمن في البدء بالجوهر قبل المظهر، فغالبا ما تشوب الجوهر الداخلي بعض تراكمات الأخطاء والقناعات والأفكار السيئة، تلك التراكمات من الأخطاء والقناعات والأفكار السيئة تلزم منا البدء بها عند إرادة التغيير إلى الأفضل، فالقناعات والأفكار السيئة في الجوهر الداخلي تعطي انعكاسا سيئا على القول والفعل الناتج عنها، القناعات والأفكار تسبق الأقوال والأفعال، وما الأقوال والأفعال إلا نتائج القناعات والأفكار، لذلك فإن التغيير إلى الأفضل يكون بدءا بالجوهر قبل المظهر، بتغيير القناعات والأفكار السيئة في الجوهر الداخلي وترسيخ القناعات والأفكار الحسنة وبالتالي يتغير القول والفعل الناتج عنها تدريجيا، رويدا فرويدا، تغير في القناعات والأفكار السيئة في الجوهر الداخلي فيتغير القول والفعل الناتج عنها تدريجيا من سيئ لأحسن فأحسن وهكذا دواليك، والناتج عن هذا التغيير إلى الأفضل هو اتزان بين الجوهر والمظهر قدر الاستطاعة والإمكان، إصلاحُ جوهر الإنسانية يُصْلِح مظهرها وإصلاح سريرتها يُصْلِح علانيتها وليس العكس، ولا كمالية للإنسانية في حياتها الدنيوية بل انتقالية من حالة إلى حالة أفضل منها وهكذا دواليك، يتغير المظهر إلى الأفضل في ضوء تغير الجوهر إلى الأفضل أوَّلاً مَعًا في آن باعتدال وتوازن واتزان دون إفراط أو تفريط بإتقان قدر الاستطاعة والإمكان والله ولي التوفيق».


¤ علاقة الأرض بالإنسانية:


«الأرض منشأ الإنسانية وموطنها، نعمة وأمانة من الله لها، وتكمن مهمة الإنسانية تجاه الأرض في عمارها لا خرابها وإلحاق الضرر بها، ليتنا نعي تماما أننا عندما نلحق الضرر بالأرض نتضرر نحن أيضا عليها، فعلاقة الأرض بالإنسانية علاقة قوية، علاقة منشأ وموطن، تصديقا لقول الله تعالى: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُم وَفِيهَا نُعِيدُكُم وَمِنْهَا نُخْرِجُكُم تَارَةً أُخْرَى﴾ [طه: 55]، وقال تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُم مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَركُم فِيهَا﴾ [هود: 61]. الأرض التي نعيش عليها هي منشأُنا قبل أن تكون موطننا، علنا نتذكر ذلك دائما بأن لا نضر بمائها وهوائها وغذائها وبيئتها الطبيعية بتجاربنا الإنسانية غير النافعة، فالأرض عندما نزرعها ونسقيها تثمر، وعندما ندفنها بنفايات نووية تتضرر، وكلما أضرت الإنسانية بالأرض تضررت الإنسانية أيضا عليها، وكلما صحت عقول الإنسانية تجاه معاملتهم لبعضهم البعض وتجاه معاملة الأرض كانت الأرض بصحة جيدة، هذا مثال بسيط يحقق معادلة علاقة عمار الأرض وخرابها بعمار الإنسانية وخرابها، إن دفن النفايات النووية مثال على تجارب الإنسان غير النافعة، التجارب التي تضر بالأرض والبيئة والطبيعة ومن عليها من مخلوقات، التجارب التي تضر بالإنسان نفسه دونما أدنى شعور منه بذلك!، عجبًا للإنسان يضر نفسه بنفسه!، استيقظ يا إنسان فأنت تعيش على الأرض، فلتحافظ على البيئة والطبيعة وكافة المخلوقات عليها، فالإنسانية مؤتمنة عليها لإعمارها وليس لإفسادها وإلحاق الضرر بها!، إلى أين تريد الوصول بمثل هذه التجارب غير النافعة؟!. ليس لي أن أجيبك إلا بقول الله تعالى في كتابه العزيز قال تعالى: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولا﴾. [سورة الإسراء: 37]، إن عمار الأرض من عمار عقول الإنسانية التي تعيش عليها وضررها من إلحاق الإنسانية الضرر بها، فَلْنَعْمَل على عمار الأرض في ضوء عمار الإنسانية مَعًا في آنٍ باعتدال وتوازن واتزان دون إفراط أو تفريط بإتقان قدر الاستطاعة والإمكان والله ولي التوفيق».


¤ علاقة الإنسانية بالقيم والمبادئ النبيلة:


« إن علاقة الإنسانية بالقيم والمبادئ النبيلة هي علاقة المتغيرات بالثوابت والأساسات، فالإنسانية من ضمن المتغيرات والقيم والمبادئ النبيلة من ضمن الثوابت والأساسات، وكلما اقتربت الإنسانية من تحقيق القيم والمبادئ النبيلة في أنفسها وواقعها أكثر فأكثر كان تغيرها تغيرًا إلى الأفضل، وكلما ابتعدت الإنسانية عن تحقيق القيم والمبادئ النبيلة في أنفسها وواقعها كان تغيرها تغيرًا إلى الأسوأ، الإنسانية من ضمن المتغيرات والقيم والمبادئ النبيلة من ضمن الثوابت والأساسات، والمتغيرات تقاس نسبةً إلى الثوابت ولا تقاس المتغيرات نسبةً إلى المتغيرات، والنهوض إلى تحقيق القيم والمبادئ النبيلة قدر الاستطاعة هو جوهر التغيير إلى الأفضل، الأمَّة تبلغ القِمَّة في ضوء ترسيخ القيمة وعُلو الهِمَّة مَعًا في آنٍ باعتدال وتوازن واتزان دون إفراط أو تفريط بإتقان قدر الاستطاعة والإمكان والله ولي التوفيق، قال تعالى : ﴿وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْط وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَان﴾ [آية 9:سورة الرحمن]».


¤ صوت ضميرك الحقيقي ونداءات واجبك:


«صوتُ ضميرك الحقيقي ونِداءاتُ واجِبك في ضوءِ هدوئك ونقاء سريرتك وفطرتك ووجدانك وإغلاقِكَ عَنِ الشر حواسَك معًا في آنٍ باعتدال وتوازنٍ واتزان دون إفراطٍ أو تفريطٍ بإتقانٍ قدر الاستطاعة والإمكان والله ولي التوفيق».


¤ الوعي بالصالح العام:


«الوعي بالصالح العام في ضوء انصهار المصلحة الشخصية في مصلحة المجموع وانهزام الأنانية المجزئة وانتصار الضمير الجمعي الداعي لتحقيق ما فيه الخير للصالح العام على كافة الأصعدة وفق ميزانٍ سليمٍ مَعًا في آنٍ باعتدال وتوازن واتزان دون إفراط أو تفريط بإتقان قدر الاستطاعة والإمكان، حفظكم الله ورعاكم ووفقكم لما فيه الخير للصالح العام بيده الخير وهو على كل شيء قدير».



▪︎ علي الحبيب بوخريص.

▪︎ موجز كتاب نظرية الاتزانية.