الحاجات الإنسانية المتوازنة


الحاجات الإنسانية المتوازنة حاجات روحية وعقلية عليا لازمة للرقي الإنساني وحاجات نفسية ومادية دنيا لازمة للعيش الإنساني ولابد للمرء منهما مَعًا في آنٍ باعتدال وتوازن واتزان دون إفراط أو تفريط في كليهما وليس بالتتالي كما يزعم ماسلو الذي لم يذكر في هرمه الحاجات الإنسانية الروحية والعقلية بتاتا، إن السعي في تحقيق الحاجات الروحية والعقلية والنفسية والمادية يكون فيهما معا في آن باعتدال وتوازن واتزان دون إفراط أو تفريط في تحقيق الحاجات الروحية والعقلية ودون إفراط أو تفريط في تحقيق الحاجات النفسية والمادية، مع إيلاء الأهمية الأعلى للحاجات الروحية والعقلية والأهمية الأدنى للحاجات النفسية والمادية، أي بأن يوظف العيش الإنساني للرقي الإنساني لا أن يوظف الرقي الإنساني للعيش الإنساني فالرقي الإنساني لا يوظف إلا لمزيد من الرقي الإنساني وهكذا دواليك، النفس والمادة تتبع الروح والعقل ولا يتبع الروح والعقل النفس والمادة بتاتا، الأدنى يتبع الأعلى، وأعلى ما في الإنسان روحه وعقله وليس نفسه ومادته، عليه فإن نفس المرء ومادته تابعة لروحه وعقله وليس العكس، إن أسمى ما في المرء روحه وعقله اللازمان للرقي الإنساني ويليها نفسه ومادته اللازمان للعيش الإنساني، ولابد للإنسان في السير من تحقيق حاجاته الروحية والعقلية العليا اللازمة للرقي الإنساني وحاجاته النفسية والمادية الدنيا اللازمة للعيش الإنساني معا في آن باعتدال وتوازن واتزان فيهما دون إفراط أو تفريط بإتقانٍ قدر الاستطاعة والإمكان.

إن الحاجات الإنسانية بشقيها الروحية والعقلية والنفسية والمادية منها ما هو ضروري وأساسي ومنها ما هو تحسيني وتكميلي، الضروري والأساسي في الحاجات الروحية والعقلية والنفسية والمادية معا في آن، والتحسيني والتكميلي في الحاجات الروحية والعقلية والنفسية والمادية معا في آن، ونذكر منها ما يلي:

الحاجات الإنسانية الضرورية والأساسية:

– حاجات ضرورية وأساسية روحية وعقلية عليا: (الدين والعبادة والقيام بالعدل والقيم والمبادئ النبيلة والوعي والمعرفة والعلم والإعمار والفكر والثقافة العامة والعمل بما فيه تحقيق الخير للصالح العام على كافة الأصعدة باعتدال وتوازن واتزان ونبذ التطرف والإفراط والتفريط في كل شيء).

– حاجات ضرورية وأساسية نفسية ومادية دنيا: (الماء والهواء والغذاء والدواء والملبس والمسكن والأثاث والزواج ووسائل التنقل والمحروقات والصحة النفسية والبدنية والرياضة والأمن والجيش والأرض والبيئة والزراعة والمحميات الطبيعية والصناعة والمرافق الخدمية والإنتاجية في كافة الاختصاصات والوحدة الاجتماعية للأسرة والعائلة والقبيلة والشعب والأمة).

الحاجات الإنسانية التحسينية والتكميلية:

– حاجات تحسينية وتكميلية روحية وعقلية عليا: (في ضوء استمرارية تحقيق ما سبق ذكره في الحاجات الضرورية والأساسية الروحية والعقلية والمحافظة عليها دائما يكون التحسيني والتكميلي بما يتضمن الاجتهاد المستمر في العلوم الدينية الشرعية والاجتهاد المستمر في العلوم الإنسانية النافعة معا في آن دون إفراط أو تفريط في كليهما، واستمرارية العمل بما فيه تحقيق الخير للصالح العام على كافة الأصعدة باعتدال وتوازن واتزان ونبذ التطرف والإفراط والتفريط في كل شيء).

– حاجات تحسينية وتكميلية نفسية ومادية دنيا: (التنمية المستمرة فيما سبق ذكره في الحاجات الضرورية والأساسية النفسية والمادية، والكهرباء والتكنولوجيا والاتصالات وتنمية وسائل التنقل الاجتماعية البرية والبحرية والجوية والمطارات والموانئ والطرقات والإنشاءات المدنية وغيرها، والتنمية في شتى المجالات الخدمية والإنتاجية العامة والخاصة على حد سواء).

الحاجات الإنسانية المتوازنة في ضوء الحاجات الروحية والعقلية العليا اللازمة للرقي الإنساني والحاجات النفسية والمادية الدنيا اللازمة للعيش الإنساني وسير تحقيق الحاجات النفسية والمادية الدنيا في ضوء سير تحقيق الحاجات الروحية والعقلية العليا معًا في آنٍ باعتدال وتوازن واتزان دون إفراط أو تفريط في سير تحقيق الحاجات الروحية والعقلية العليا ودون إفراطٍ أو تفريطٍ في سير تحقيق الحاجات النفسية والمادية الدنيا بإتقانٍ قدر الاستطاعة والإمكان، ولا غِنَى لِلمؤمن عن حاجته البحث عن الحكمة دائمًا، قال تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّار الآخِرَة وَلَا تَنْسَ نَصِيبَك مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْك وَلَا تَبْغِ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِين﴾ [آية77:سورة القصص].


▪︎ علي الحبيب بوخريص.

▪︎ من كتابه نظرية الاتزانية.