الاتزانية الاقتصادية


الاتزانية الاقتصادية في ضوء الملكية العامة لثروات الأرض الطبيعية النفط والغاز وغيرها مع حفظ الملكيات الخاصة لبعض وسائل الإنتاج الأخرى، وتوجيه عوائد الثروات الطبيعية نحو الدعم - المباشر أو غير المباشر - لتيسير تحقيق حاجات الشعب ودولته ومؤسساته على حد سواء، حاجاتهم اللازمة للعيش الكريم وحاجاتهم اللازمة للتقدم والرقي والازدهار ومواجهة التحديات التي تواجههم على الدوام تكامُلًا للمنافع وتعاطُلًا للمضار تجاه الصالح العام على كافة الأصعدة مَعًا في آنٍ باعتدال وتوازن واتزان دون إفراط أو تفريط بإتقان قدر الاستطاعة والإمكان.

إن قيام الدولة بتيسير تحقيق حاجات الشعب الضرورية والأساسية الروحية والعقلية العليا والنفسية والمادية الدنيا اللازمتان للرقي والتقدم والازدهار والعيش الكريم موازنةً بثرواته الطبيعية وخيراته التي رزقه الله بها في أرضه لهو ضرورة ملحة ومهمة رئيسية فعلية لقادة الدولة المتزنة تجاه الشعب ومؤسساته ويكون ذلك قدر استطاعة الدولة المتزنة وإمكانياتها بطبيعة الحال، وذلك ما تهدف إليه الاتزانية الاقتصادية، دعم الدولة المباشر أو غير المباشر لتيسير تحقيق حاجات الشعب الضرورية والأساسية الروحية والعقلية والنفسية والمادية معا في آن، ذلك أن تحقيق التنامي في الرقي والتقدم والازدهار على كافة الأصعدة يتطلب دعم الدولة لحاجات الشعب الضرورية والأساسية الروحية والعقلية العليا اللازمة للرقي الإنساني، وتحقيق التنامي في مستوى العيش الكريم للشعب بوضع الحد الأدنى لمستوى المعيشة موازنةً بثروات الشعب الطبيعية التي رزقه الله بها في أرضه يتطلب دعم الدولة لحاجات الشعب الضرورية والأساسية النفسية والمادية الدنيا اللازمة للعيش الإنساني، بذلك يُحقق الوعي الجمعي للشعب ودولته ومؤسساته تحقيق المحافظة على المعدل الضروري والأساسي للرقي والازدهار والمعدل الضروري والأساسي للعيش الكريم مَعًا في آن وبذات الآلية في تحقيق التحسيني والتكميلي منها باعتدال وتوازن واتزان دون إفراط أو تفريط في كليهما، بإتقان قدر الاستطاعة والإمكان.

إن ثروات الشعب الطبيعية من نفط وغاز وغيرها هي فضل من الله له في أرضه ولا فضل لأحد فيها على الشعب ولا منة إلا الله ذو الفضل العظيم الرزاق ذو القوة المتين، ولا يجوز استغلال واحتكار الحاجات الضرورية والأساسية - الروحية والعقلية والنفسية والمادية - أو منع دعمها من الدولة لصالح الشعب ومؤسساته العامة، فدعم هذه الحاجات الضرورية والأساسية الروحية والعقلية والمادية والنفسية من الدولة تجاه الشعب ومؤسساته العامة ليس فضلا ولا منة بل حق مكتسب للشعب موازنة بخيراته الطبيعية التي من الله بها عليه في أرضه، فهذا الحق هو حق مكتسب لقاء الملكية العامة للثروات الطبيعية النفط والغاز وغيرها، أما التفاوت في الحق المكتسب لقاء العمل وبذل الجهد فلا خلاف عليه وهو المدار الطبيعي للتنافس والفروقات الطبيعية بين الأفراد في دخلهم المادي لقاء العمل وبذل الجهد وليس هذا هو بيت القصيد في الاتزانية الاقتصادية، بيت القصيد هو أن الثروات الطبيعية لأرض الدولة من نفط وغاز وغيرها هي ملكية عامة للشعب وليست ملكية خاصة، ثم إن عوائد الملكية العامة للثروات الطبيعية النفط والغاز وغيرها لا تُمنح نقودا للمواطنين وبالتالي يجب أن تمنح لهم دعما لتحقيق حاجاتهم الضرورية والأساسية الروحية والعقلية والنفسية والمادية معا في آن دون إفراط أو تفريط في كليهما، يتمثل هذا الدعم على سبيل الذكر لا الحصر في دعم الدولة لنشر الوعي بالاعتدال والاتزان في فهم الدين والعلم ونبذ التطرف والإفراط والتفريط في كل شيء فالدين والعلم من التطرف والإفراط والتفريط براء، ودعم وزارة الأوقاف والشؤون الدينية للتوعية بالمنهج الوسطي المعتدل للدين ودعم المؤسسات البحثية في العلوم الدينية الشرعية ضد التطرف والإفراط والتفريط بكافة أشكاله حِفظًا للدين من المتطرفين والأفكار الهدامة المتطرفة، ودعم وزارة التعليم ومؤسسات البحث العلمي في العلوم الإنسانية النافعة ودعم الجامعات والمعاهد بكافة اختصاصاتها ودعم وزارة الثقافة والفكر والتنمية المعرفية في شتى المجالات وترسيخ القيم والمبادئ النبيلة ونشر الوعي والقناعات والأفكار الحسنة المثمرة ضد التطرف والإفراط والتفريط بكافة أشكاله، ودعم العمل والتوظيف العام والخاص على حد سواء ودعم القضاء والقيام بالعدل إلى آخره من الحاجات الضرورية والأساسية الروحية والعقلية العليا اللازمة للرقي الإنساني على كافة الأصعدة، ودعم الدولة للماء والغذاء والدواء والمحروقات والأرض والزراعة والصناعة والمساكن والزواج والمواصلات والبيئة والمحميات الطبيعية والمنتزهات العامة لخروج العائلات وتنزهها والصحة ومرافقها العامة والرياضة ومرافقها العامة ودور المعاقين العامة وذوي الاحتياجات والمكفوفين ودور رعاية الأيتام العامة والدعم المباشر للجيش والشرطة لحاجة الأمن والاستقرار والاستقلال ودعم الوحدة الاجتماعية للأسرة والعائلة والقبيلة والشعب والأمة ودعم المرافق الخدمية العامة للشعب في كافة الاختصاصات إلى آخره من الحاجات الضرورية والأساسية النفسية والمادية الدنيا اللازمة للعيش الإنساني على كافة الأصعدة، لابد حقيقةً للدولة المتزنة الراعية لشعبها ومؤسساتها من إيلاء الأهمية والأولوية القصوى لتيسير تحقيق حاجاتهم الروحية والعقلية وحاجاتهم النفسية والمادية معا في آن دون إفراط أو تفريط في كليهما، فهذه الحاجات لازمة للرقي والازدهار والعيش الكريم للصالح العام في ظل مجابهة التحديات التي تواجههم على الدوام، وفَّق الله الجميع لما فيه الخير للصالح العام والله ولي التوفيق.


▪︎ علي الحبيب بوخريص.

▪︎ من كتابه نظرية الاتزانية.