توازن القوى الدولية


إن معطيات الأحداث الجارية في عالمنا اليوم وتداعياتها بين كافة الأطراف الدولية تتجه بوضوح إلى مبدأ الاتحادات الدولية التعاونية التضامنية وتوازن القوى الاقتصادية والسياسية والعسكرية فيما بينها على الصعيد الأممي والقاري والإقليمي والدولي وانتهاء مبدأ الهيمنة والوصاية والاستعمار الحسي وفوق الحسي على حد سواء في العلاقات الدولية، وهذا مطلب مشروع لكافة الدول الرافضة لمبدأ الهيمنة والوصاية والاستعمار الحسي وفوق الحسي سواء في العالم أجمع، فمبدأ توازن القوى الدولية يفضي إلى حفظ استقلال الدول وسيادة شعوبها على أراضيها وثرواتها وخيراتها ويعزز الأمن والاستقرار والسلم الدولي رغم اختلاف درجة قواها الاقتصادية والعسكرية دوليًّا وتوازُنها اتِّحادِيًّا. 

إن مبدأ الهيمنة والوصاية والاستعمار الحسي وفوق الحسي سواء في العلاقات الدولية لا يفضي إلا إلى مزيد من الاضطرابات والنزاعات والصراعات بين كافة الأطراف الدولية في الساحة العالمية على اختلاف درجة قواها الاقتصادية والسياسية والعسكرية والثقافية، فالإرادة الخيرة لا تضعفها ضعف القوى الاقتصادية والعسكرية لديها، بل تفضي الإرادة الخيرة إلى صعود هذا الضعف إلى القوة تدريجيا لتعزيز مبدأ توازن القوى الدولية الطبيعي وانتهاء مبدأ الهيمنة الدولية غير الطبيعي في العلاقات الدولية، مهما كانت الظروف والتحديات لأحقية الإرادة ومشروعيتها، وصعود القوى التي كانت ضعيفة اقتصاديا وعسكريا على مر التاريخ خير دليل على ذلك، وهذا يتضح جَلِيًّا في عالمنا اليوم.

إن صعود القوى الدولية المتوازنة اليوم على الصعيد الأممي والقاري والإقليمي والدولي يتجه إلى تعزيز مبدأ التوازن والتعاون والتضامن والأمن والاستقرار والسلم الدولي وانتهاء مبدأ الهيمنة الدولية والوصاية والاستعمار الحسي وفوق الحسي سواء، وجميعها مطالب مشروعة واضحة وجلية لكل ناظر متدبر في أحداث عالمنا اليوم، فليزداد الوعي الدولي بضرورة تعزيز مبدأ توازن القوى الدولية والاتحادية وإنشاء ميثاق عدم الهيمنة والوصاية والاستعمار الحسي وفوق الحسي في العلاقات الدولية فهذا هو الحل النموذجي للصراع العالمي الحالي بالخصوص، ذلك أن الحل لا يكمن في استمرار مبدأ الهيمنة الدولية والوصاية والاستعمار في علاقات الدول ببعضها البعض بتاتا، فلينتهي مبدأ الهيمنة الدولية والوصاية والاستعمار الحسي وفوق الحسي في ضوء تعزيز مبدأ توازن القوى الدولية والاتحادية التعاونية التضامنية المتوازنة لحفظ استقلال الدول وسيادة شعوبها على أراضيها وثرواتها وخيراتها وحفظ الأمن والاستقرار والسلم الدولي مَعًا في آنٍ باعتدال وتوازن واتزان دون إفراط أو تفريط بإتقان قدر الاستطاعة والإمكان والله ولي التوفيق. 


▪︎ علي الحبيب بوخريص.

▪︎ من كتابه نظرية الاتزانية.