رسالة النظرية الاتزانية



رسالة النظرية الاتزانية

تكامُل المنافع .. وتعاطُل المضار


1. مَعًا نحو تعزيز الهوية الوطنية والحضارية الجامعة للشعب والأمة وتأصيل مقوماتهما واستقلاليتهما عن شعوب وأمم العالم بما يتضمن تبادل المنافع المشتركة بين الأمم وحضاراتها وشعوبها وأوطانها المستقلة، الهوية الوطنية الجامعة تنطلق من الوطن المستقل الجامع لشعبه بكافة قومياته العرقية إلخ من مقومات الهوية الوطنية، والهوية الحضارية الجامعة تنطلق من حضارة الأمة المسلمة الجامعة لكافة الشعوب والأوطان المستقلة للأمة إلخ من مقومات الهوية الحضارية الجامعة.

2. مَعًا نحو تصدير نية الخير وترسيخ القيم والمبادئ النبيلة ونشر القناعات والأفكار الحسنة المثمرة الدافعة إلى العمل بما فيه تحقيق الخير للصالح العام على كافة الأصعدة، مَعًا نحو المراجعة والاستدراك والتصالح والتسامح والتقابل والتعارف والاجتماع والتحاور والتشاور والتوافق على ما فيه الخير للصالح العام بين كافة المكوَّنَات.

3. مَعًا نحو المدنية المضيئة المتزنة التي تسير في ضوء الدين والعلم مَعًا في آن دون إفراط أو تفريط في العلوم الدينية الشرعية ودون إفراط أو تفريط في العلوم الإنسانية النافعة، وتعزيز الوعي بأنه لا يوجد صراع بين الدين والعلم من الأساس إنما الصراع في عقول المتطرفين في الجانبين والدين والعلم من التطرف براء، والتطرف إفراط وتفريط منبوذ بصفة عامة لكل ذي عقل ودين وهذا الوعي المتزن سبقت إليه العالم حضارة أمة المسلمين، استلهاما من عصورها المضيئة في القرون الوسطى.

4. معا نحو نبذ المدنية المظلمة الثيوقراطية التي تحاول إلغاء دور العلم على مستوى الإنسان والمجتمع وهي نتاج حضارة الغرب في عصور ظلمتهم في القرون الوسطى، ونبذ المدنية المشوهة العلمانية التي نتجت بعدها والتي تحاول إلغاء دور الدين على مستوى الإنسان والمجتمع، وكلاهما نتاج الحضارة الغربية ولا يمتان لحضارة الأمة المسلمة ومدنيتها المضيئة بأية صلة، لا لطمس هويتنا وحضارتنا ونعم لتبادل المنافع المشتركة بين الأمم وحضاراتها كما أضأنا للغرب درب الخروج من عصور ظلام المدنية الثيوقراطية في القرون الوسطى.

5. مَعًا نحو الاعتدال بالتوسط بين كافة الأصعدة المعمول عليها والتوازن بتوزيع الجهد بالتساوي على كافة الأصعدة المعمول عليها والاتزان بإعطاء كل شيء قيمته دون زيادة أو نقصان والموازنة المستمرة لترجيح المنافع ودفع المضار وتحصيل أقصى نفع وأدنى ضرر في كافة قراراتنا العامة والخاصة على حد سواء وفق ميزان سليم دون إفراط أو تفريط في تكامل المنافع ودون إفراط أو تفريط في تعاطل المضار بإتقان قدر الاستطاعة والإمكان.

6. مَعًا نحو التعاون والتضامن والوحدة وتوحيد الجهود نحو تكامُل المنافع للصالح العام وتعاطُل المضار عنه على الدَّوام وفقًا لمهامنا المناطة بنا في شتى مجالات أعمالنا على كافة الأصعدة الاتزانية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

7. مَعًا نحو الاتزانية السياسية بترسيخ أن الشعب مصدر النخب والسلطات وبناء تعددية طبيعية مبنية على ثوابت مشتركة بين الجميع، وإرساء سياسة متزنة مبنية على تحقيق أقصى المنافع للصالح العام  بأدنى المضار عنه على الدوام، وتوظيف الممكن في ضوء الوعي بالحقوق والواجبات والوعي بمتطلبات وتحديات الحاضر والمستقبل والوعي بأولويات العمل عليهما تكامُلًا لِلمنافع وتعاطُلًا لِلمضار إزاء الصالح العام على كافة الأصعدة.

8. مَعًا نحو الاتزانية الاقتصادية بتشريع حفظ الملكية العامة لثروات الأرض الطبيعية النفط والغاز وغيرهما مع حفظ الملكيات الخاصة لبعض وسائل الإنتاج الأخرى وتوجيه عوائد الثروات الطبيعية نحو دعم الشعب والاقتصاد معا في آن باعتدال واتزان، دعم الشعب في حاجاته الضرورية والأساسية المعنوية والمادية ودعم الاقتصاد في التوجه لتعدد مصادر الدخل العام وتنشيط الزراعة والصناعة المحلية والسياحة ومشاريع الإعمار والاستثمار.

9. مَعًا نحو الاتزانية الاجتماعية باستمرارية تغليب الخير على الشر بذواتنا فيسود الخير والنفع العام تدريجيا بأوطاننا وكلما ساد الخير بذواتنا ساد بأوطاننا هذا هو جوهر التغيير، بازدياد تصدير نية الخير وترسيخ القيم والمبادئ النبيلة ونشر القناعات والأفكار الحسنة المثمرة الدافعة إلى العمل بما فيه تحقيق الخير للصالح العام على كافة الأصعدة، ولا كمالية للإنسانية في حياتها الدنيوية بل انتقالية من حالة إلى حالة أفضل منها وهكذا دواليك، ومجتمعنا اليوم مثال للمجتمع المتزن المعزز للخير قدر الاستطاعة والإمكان ومنه ينبثق النخب والساسة المتزنون.

10. مَعًا نحو الاتزانية الثقافية بتعزيز النخب المتزنة النابعة من عمق الشعب وعقله الجمعي تعبيرا عن إرادته وتطلعاته نحو حاضر ومستقبل أفضل بإعمال العقل في ضوء النقل معا في آن باعتدال واتزان بالاستفادة من الماضي وإنتاج مفاهيم متجددة تعالج الواقع وتستشرف المستقبل وزيادة الوعي والتأثير الحسن في الدولة ومكوناتها ككل، وعيا بالمجال الحسي في عالم الأشخاص والأحداث والمجال فوق الحسي في عالم القناعات والأفكار وتحصين العقل الجمعي من القناعات والأفكار الهدامة المتطرفة تكامُلًا لِلمنافع وتعاطُلًا لِلمضار إزاء الصالح العام على كافة الأصعدة.

11. مَعًا نحو النظام المتزن وتحقيق الدولة المتزنة المقسطة غير ذات الإفراط والتفريط في الحقوق والواجبات سواء، الشعب فيها مصدر النخب والسلطات والجميع فيها سواسية أمام القانون، مَعًا نحو الفصل المتوازن بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وتعزيز استقلالية القضاء.

12. مَعًا نحو الحكم المحلي للسلطة التنفيذية وإدارتها محليا بميزانيات مستقلة لكافة البلديات بالمدن ومنحها كافة الاختصاصات الخدمية والتنموية في نطاقها الجغرافي بما يضمن إنهاء المركزية المالية والخدمية والتنموية وضمان وصول الخدمات والتنمية لكافة أرجاء مدن الوطن العزيز.

13. مَعًا نحو الدولة المستقلة ذات السيادة الرائدة في محيطها المحلي والدولي والإقليمي والقاري والأممي في نظام عالمي متعدد الأقطاب المتوازنة متعدد الاتحادات الجيوسياسية الإقليمية والقارية متعدد المراكز الاقتصادية والمجالس الأمنية.

14. مَعًا نحو التكامل الجيوسياسي والاقتصادي والأمني مع دول الجوار الجغرافي على الصعيدين الإقليمي والقاري والتكامل الأممي مع كافة دول أمتنا المسلمة –البالغ عددها اليوم 57 دولة حسب تعداد منظمة المؤتمر الإسلامي الدولية- واتحاداتها الجيوسياسية الإقليمية والقارية والتوازن في العلاقات الدولية والاتحادية في العالم بما يتضمن تكامُل المنافع  للصالح العام وتعاطُل المضار عنه على الدوام.

15. مَعًا ضد التطرف والهيمنة والاحتلال في العلاقات الدولية وتعزيز الوعي بالحل النموذجي لإنهاء الصراع العالمي وهو مضي القوى الدولية نحو صياغة ميثاق عدم الهيمنة والاحتلال وتسوية كافة القضايا العالقة، وسيادة التوازن في العلاقات الدولية والاتحادية في نظام عالمي متعدد الأقطاب المتوازنة وذلك ما يحقق الأمن والسلم الدوليين، والبقاء للأصلح في نهاية المطاف وليس لمن يمتلك الأسلحة النووية فقد كتب الله أن الأرض يرثها عباده الصالحون، والسلام على من يفشي السلام وعلى كل باغي تدور الدوائر.

16. مَعًا نحو الأفضل بالجوهر قبل المظهر فإصلاح السريرة هو ما يصلح العلانية، مَعًا نحو إعمار أنفسنا والأرض فعلاقة الإنسانية بالأرض علاقة منشأ وموطن ومؤتمنة عليها لإعمارها وليس لإفسادها وإلحاق الضرر بها وكلما عمرت الإنسانية عمرت الأرض التي تعيش عليها، مَعًا نحقق القيم والمبادئ النبيلة في أنفسنا وواقعنا أكثر وكلما اقتربت الإنسانية من تحقيق القيم والمبادئ النبيلة في أنفسها وواقعها كان تغيرها تغيرا إلى الأفضل وكلما ابتعدت الإنسانية من تحقيق القيم والمبادئ النبيلة في أنفسها وواقعها كان تغيرها تغيرا إلى الأسوأ.

17. مَعًا باعتدال وتوازن واتزان وترجيح للمنافع ودفع للمضار وفق ميزان سليم دون إفراط أو تفريط بإتقان قدر الاستطاعة والإمكان نسير في ضوء الضمير الجمعي وتنصهر مصالحنا الشخصية الجزئية في المصلحة العامة الكلية ونحقق صوت الضمير ونداءات الواجب نحو بلوغ الأمة القمة بترسيخ القيمة وعلو الهمة، ﴿وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَان﴾ [آية٩:سورة الرحمن]، إنما الأمة إرثها القيمي قبل المادي فالمادة بدون المعنى لا تجدي نفعا، مَعًا لتحقيق ما فيه الخير للصالح العام خالِصًا لوجه الله الكريم وابتغاءً لمرضاته والله ولي التوفيق.


       وفقكم الله لما فيه الخير للصالح العام،،،

         والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

 

رسالة النظرية الاتزانية

بقلم: علي الحبيب بوخريص الإدريسي

حررت في ليبيا - أواخر شهر رمضان 1443 هجري الموافق أبريل 2022


▪︎ ملاحظة: رسالة النظرية الاتزانية هي خلاصة ملخص المفاهيم الرئيسية لكتاب نظرية الاتزانية الصادر للمؤلف في نسخته الكاملة أواخر شهر رمضان 1442 هجري الموافق مايو 2021 والمنشور في طبعته الأولى عن دار يسطرون بمعرض القاهرة الدولي للكتاب يونيو 2021.