الاتزانية السياسية
الوعي سيد المادة وموظفها، المادة تابعة للوعي والوعي لا يتبع المادة بتاتا، الوعي لا يتبع إلا الحكمة أينما وجدت، فالحكمة غاية الوعي والوعي رشد المادة، الوعي من المطالب العليا والمادة من المطالب الدنيا ولا توظف المطالب العليا لأجل المطالب الدنيا بتاتا، بل توظف المطالب الدنيا لأجل المطالب العليا وهذا ما يرتقي بالدولة وشعبها ومؤسساتها نحو التقدم والازدهار على كافة الأصعدة، الوعي متقدم والمادة خلفه، هذا أمر جوهري في السياسة المتزنة فالوعي فيها يقود المادة على مستوى الدولة كما الروح فيها يقود البدن على مستوى الإنسان قدر الاستطاعة والإمكان، وما سياسة المرء دولته إلا انعكاس لسياسته نفسه بالأساس فإذا كانت نفسه التي تقوده كمن المعنى لديه في المادة وأصبحت دولته مادية، وإذا كان روحه الذي يقوده محكما اللجام على نفسه قدر استطاعته كمن المعنى لديه في القيمة وأصبحت دولته حكيمة، إنما المرء إحسانه، إنما المرء روحه قبل بدنه قلبه قبل قالبه، إنما المرء ضميره فطرته نيته، إنما المرء قيمه مبادئه قناعاته، إنما المرء إلهاماته خواطره أفكاره وجهات نظره آرائه، إنما المرء قراره أقواله أفعاله سلوكه مع نفسه والغي